الخميس، 9 يونيو 2016

سيف ابن ذي يزن مع مولاناعبدالمطلب عليه سلام الله

✔️ سيف ابن ذي يزن الملك الحميري مع مولانا عبد المطلب عليه سلام الله ✔️
لما ظفر سيف بن ذي يزن الحميري بالحبشة وذلك بعد مولد النبي  أتته وفود العرب وأشرافها وكان من جملتهم وفد قريش وفيهم عبد المطلب بن هاشم جد النبي  وأمية بن عبد شمس وأسد بن عبد العزى وعبد الله بن جُدعان فقدموا عليه وهو في قصر يقال له غُمدان - بضم الغين - فطلبوا الإذن عليه فأذن لهم وتكلم عبد المطلب مهنئا. ولما فرغ أدناه وقربه ثم استنهضوا إلى دار الضيافة وقاموا ببابه شهرا لا يصلون إليه ولا يؤذن لهم في الانصراف، ثم انتبه إليهم انتباهة فدعا بعبد المطلب من بينهم فخلا به وأدنى مجلسه وقال:

«يا عبد المطلب إني مفوض إليك من علمي أمرا لو غيرك كان لم أبح له به ولكني رأيتك معدنه فأطلعتك عليه فليكن مصونا حتى يأذن الله فيه، فإن الله بالغ أمره، إني أجد في العلم المخزون والكتاب المكنون الذي ادخرناه لأنفسنا واحتجبناه دون غيرنا خبرا عظيما وخطرا جسيما فيه شرف الحياة وفضيلة الوفاة للناس كافة ولرهطك عامة ولنفسك خاصة».

قال عبد المطلب: «مثلك يا أيها الملك برّ، وسرّ، وبشّر، ما هو؟ فداك أهل الوبر زمرا بعد زمر».

قال ابن ذي يزن: «إذا ولد مولود بتهامة، بين كتفيه شامة، كانت له الإمامة، إلى يوم القيامة».

قال عبد المطلب: «أبيت اللعن لقد أُبت بخير ما آب به أحد فلولا إجلال الملك لسألته عما سارّه إلى ما ازداد به سرورا».

قال ابن ذي يزن: «هذا حينه الذي يولد فيه أو قد ولد، يموت أبوه وأمه، ويكفله جده وعمه وقد وجدناه مرارا، والله باعثه جهارا، وجاعل له منا أنصارا يعز بهم أولياءه، ويذل بهم أعداءه، ويفتتح كرائم الأرض، ويضرب بهم الناس عن عرض، يخمد الأديان، ويكسر الأوثان ويعبد الرحمن، قوله حكم وفصل، وأمره حزم وعدل، يأمر بالمعروف ويفعله، وينهى عن المنكر ويبطله».

فقال عبد المطلب: «طال عمرك، ودام ملكك، وعلا جدك، وعز فخرك، فهل الملك يسرني بأن يوضح فيه بعض الإيضاح؟».

فقال ابن ذي يزن: «والبيت ذي الطنب، والعلامات والنصب، إنك يا عبد المطلب لجده من غير كذب».

فخرَّ عبد المطلب ساجدا، وقال ابن ذي يزن: «ارفع رأسك، ثلج صدرك، وعلا أمرك، فهل أحسست شيئا مما ذكرت لك؟».

فقال عبد المطلب: «أيها الملك، كان لي ابن كنت له محبا وعليه حدبا مشفقا، فزوجته كريمة من كرائم قومه، يقال لها: آمنة بنت وهب بن عبد مناف، فجاءت بغلام بين كتفيه شامة فيه كل ما ذكرت من علامة، مات أبوه وأمه وكفلته أنا وعمه».

قال ابن ذي يزن: «إن الذي قلت لك كما قلت، فاحفظ ابنك واحذر عليه اليهود فإنهم له أعداء ولن يجعل الله لهم عليه سبيلا، إطو ما ذكرت لك دون هؤلاء الرهط الذين معك فإني لست آمن أن تدخلهم النفاسة من أن تكون لكم الرياسة، فيبغون لك الغوائل وينصبون لك الحبائل وهم فاعلون وأبناؤهم، ولولا أني أعلم أن الموت مجتاحي قبل مبعثه لسرت بخيلي ورجلي حتى أصير بيثرب دار مهاجره. فإني أجد في الكتاب الناطق والعلم السابق أن يثرب دار هجرته، وبيت نصرته، ولولا أني أقيه الآفات، وأحذر عليه العاهات لأعلنت على حداثة سنّه وأوطأت أقدام العرب عقبه ولكني صارف إليك ذلك عن تقصير مني بمن معك».

ثم أمر لكل رجل منهم بعشرة أعبد وعشر إماء سود وخمسة أرطال فضة وحلتين من حلل اليمن وكرش مملوءة عنبرا، وأمر لعبد المطلب بعشرة أضعاف ذلك وقال: «إذا حال الحول فأنبئني بما يكون من أمره».

فما حال الحول حتى مات ابن ذي يزن، فكان عبد المطلب بن هاشم يقول: «يا معشر قريش لا يغبطني رجل منكم بجزيل عطاء الملك فإنه إلى نفاد ولكن يغبطني بما يبقى لي ذكره وفخره ولعقبي»، فإذا قالوا له: وما ذاك؟ قال: سيظهر بعد حين

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق

أخر الأخبار




بحث هذه المدونة الإلكترونية

آخر المواضيع