الإمام علي صلوات الله عليهم وهجرته بنساء ال محمد من مكه إلى المدينه
كتب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم إلى عليٍّ عليه السلام مع أبي واقد الليثي ، يحثُّه بالمسير إليه بعد أداء ما أوصاه به ، ولمَّا وصله الكتاب تهيَّأ للخروج ، وردَّ كلَّ وديعةٍ إلى أهلها ، وأمر من كان قد بقي من ضعفاء المؤمنين أن يتسلَّلوا إلى ذي طول ليلاً..
وخرج هو بالركب الفاطمي : فاطمة بنت رسول الله ، وفاطمة بنت أسد بن هاشم ، وفاطمة بنت الزبير بن عبدالمطَّلب ، وفاطمة بنت حمزة ، وأم أيمن ، وأبو واقد الذي أخذ يسوق الرواحل سوقاً حثيثاً ، فقال له عليٌّ : « ارفق بالنسوة يا أبا واقد » ثُمَّ جعل يسوق بهنَّ ويقول :
ليـس الا الله فارفع ظنَّكا * يكفيك ربُّ الخلق ما أهمَّكا
وكان يسير ليلاً ، ويكمن نهاراً وكان ماشياً غير راكب حتَّى تفطَّرت قدماه ، ولقد ظلَّ في رحلته تلك ليالٍ أربع عشرة يحوطهم من الاعداء ويكلؤهم من الخصماء ، فلمَّا قارب ضَجَنان أدركه الطلب وكانوا ثمانية فرسان ملثمين ، معهم مولى لحرب بن أُميَّة يُدعى : جناح ؛ فقال عليٌّ عليه السلام لأيمن وأبي واقد : « أنيخا الإبل واعقلاها » وتقدَّم هو فأنزل النسوة
واستقبل القوم بسيفه ، فقالوا : أظننت يا غُدر أنَّك ناجٍ بالنسوة ؟! ارجع بهن لا أبا لك!! فقال : « فإن لم أفعل ؟! » ، فقالوا : لترجعنَّ راغماً!!
ودنوا من المطايا ، فحال عليٌّ عليه السلام بينهم ، وأهوى له جناح بسيفه ، فراغ عن ضربته ، وضرب جناحاً على عاتقه فقدَّه نصفين ، حتَّى وصل السيف إلى كتف فرسه ، ثُمَّ شدَّ على أصحابه ، وهو على قدميه وأنشد :
خلُّوا سبيل الجاهد المجاهد * آليت لا أعبد الا الواحـد
فتفرَّق القوم عنه ، وقالوا : إحبس نفسك عنَّا يابن أبي طالب ، ثُمَّ قال لهم : « إنِّي منطلق إلى أخي وابن عمِّي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، فمن سرَّه أن أفري لحمه وأُريق دمه فليدنُ منِّي » ثُمَّ أقبل على أيمن وأبي واقد ، وقال لهما : أطلقا مطاياكما ، وسار الركب حتَّى نزل ضجنان ، فلبث بها يوماً وليلة حتَّى لحق به نفر من المستضعفين ، فلمَّا بزغ الفجر سار بهم حتَّى قدموا قباء
وكان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم قد مكث فيها هذه المدة ، ولم يغادرها بعد إلى المدينة ، فقال النبي صلى الله عليه وآله وسلم : « ادعوا لي عليَّاً » ، قيل : لا يقدر أن يمشي ، فأتاه النبي صلى الله عليه وآله وسلم ، واعتنقه وبكى ، رحمةً لما بقدميه من الورم ، وتفل في يديه وأمرَّهما على قدميه ، فلم يشتكهما بعدُ من قدميه حتَّى انتقل إلى جوار ربه في آعظم شهور الله
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق